شرح مبسط للفلسفة الطاوية للفيلسوف لاوتسو
 

تعتبر الفلسفة الطاوية أو التاوية من بين فلسفات فن العيش. و خلاف معظم الفلسفات الأخرى, تدعوا فلسفة الطاو للفيلسوف الصيني لاوتسو إلى التناغم مع الحياة و الطبيعة بدلا من الصراع معها. و الحقيقة هي أن هذه الفلسفة تدل على حكمة و عبقرية صاحبها و كذا عمق تأمله في الطبيعة.

 

في هذه التدوينة سنتعرف على مبادئ الفلسفة الطاوية و التي وصلتنا عم طريق كتاب التاو تي تشينغ لصاحبه لاوسو أو لاوتزه. و سنعتمد في شرحنا هذا على البساطة و الوضوح كما سنطعم التدوينة ببعض الاقتباسات من كتاب التاو تي تشينغ نفسه.

 

 

ما هو الطاو؟

 

 

الطاو أو التاو كلمة جوهرية في الفلسفة الطاوية, إذ أنها تختزل المبدأ الأساسي لهذه الفلسفة بأكملها. حيث تعبر عن أساس طبيعة الحياة و الكون. ولغويا, الطاو كلمة صينية ذات معاني متعددة و لكن دائما ما تترجم على أنها "الطريق".

 

الطاو في الفلسفة الطاوية يعبر عن الوحدة التي تشمل الكون كله و الطريق الذي يجب على الانسان أن يسلكه لينضم لهذه الوحدة بدلا من السير ضدها.

 

 

وحدة كل الأشياء

 

 

من خلال تأملهم في الطبيعة لاحظ فلاسفة الطاوية أن كل شيء له مناقض يكمله. بل لا يمكن أن نفهم شيء دون أن يكون هناك شيء أخر معاكس له.

 

فمثلا وجود النهار يعتمد على وجود الليل, وجود القوة تعتمد على وجود الضعف, وجود البرد يتعمد على وجود الحرارة.

 

لقد أدركوا أن هذه العلاقات بين الأشياء في حالة من التقلب و التدفق الدائمين. يتدفق النهار تدريجيا إلى الليل و يعود مجددا. و بالتالي فإن كل الأشياء في الكون مترابطة و تعتمد على بعضها البعض.

 

المقطع الثاني من كتاب التاو تي تشينغ يعبر عن هذا الأمر بشكل صريح:

 

" كل من تحت السماء يمكنهم رؤية الجمال جمالا فقط لأن ثمة قبحا.

و كلهم يستطيعون أن يروا الخير خيرا لأن ثمة شرا.

من هنا, أن تملك أو لا تملك يظهران سويا.

يتكامل العسر و اليسر.

يتقابل الطويل و القصير.

الأعلى و الأسف يعتمدان على بعضهما.

الأصوات تتناغم.

الأمام و الخلف يقفو بعضهما بعضا.

و من هنا يتجول الحكيم دون أن يفعل شيئا, و يعلم دون أن يتكلم.

العشرة ألاف شيء تصعد و تنزل بلا توقف,

تبدع, و لا تملك.

تشتغل و لا تأخذ شيئا.

تنجز العمل, و تنساه.

و هكذا فهي تبقى للأبد. "

 

 

كل ما يقع, يقع بدون جهد

 

 

لاحظ الفيلسوف لاوتسو أن كل ما يحدث في الطبيعة, يحدث دون بدون جهد. هذا لا يعني أن ه ليس هناك صعوبات. لكن كل ما يقع, يقع دون إصرار.

 

لنتأمل حياة النبتة مثلا. تقع البذرة على الأرض, إذا كانت كل الظروف ملائمة لنموها كوجود تربة خصبة, حرارة, ضوء, و ماء تنمو و تزهر النبتة.

 

هذه النبتة لا تحتاج لتعليمات حول كيف تغذي نفسها عن طريق الجذور أو كيف تمتص الحرارة و الضوء لكي تصبح نبتة ناضجة. بل تسمح النبتة للطبيعة أن تأخذ مجراها.

 

و هنا يطرح السؤال, لماذا يجب أن تكون الحياة مختلفة بالنسبة للانسان؟ لماذا لا يسمح الانسان للأمور أن تأخذ مجراها الطبيعي دون محاولة التلاعب و التحكم بالأخرين و الأحداث.

 

و قد عبر لاوتسو عن هذا في المقطع 29 من كتاب التاو تي تشينغ حيث قال:

 

" هل تعتقد أنه يمكنك السيطرة على الكون و تحسينه؟

لا أعتقد أنه يمكنك القيام بذلك.

الكون مقدس.

لا يمكنك تغييره.

إذا حاولت تغييره,

فستدمره.

إذا حاولت الامساك به.

فسوف تخسره. "

 

يخبرنا الفيلسوف الصيني لاوتسو من خلال هذا الاقتباس أن الطبيعة كاملة بذوننا. و بالتالي يجب أن ندرك هذه الحقيقة و ننضم للطبيعة كجزء لا يتجزء منها.

 

مهمتنا إذا, حسب الفلسفة الطاوية, هي أن نعود لنمط الحياة الطبيعي لأن هذا سينعم علينا بحالة من الراحة و الفضيل.