من هو الفيلسوف الصيني لاوتسو؟ و ماهي الفلسفة الطاوية؟
من هو الفيلسوف الصيني لاوتسو؟ و ماهي الفلسفة الطاوية؟ |
من هو الفيلسوف الصيني لاوتسو؟ و ماهي الفلسفة الطاوية؟
أنتجت الحضارة الأسيوية القديمة خاصتا الصينية مجموعة من الفلسفات و التي تحولت في ما بعد إلى ديانة و طريقة في العيش. ركزت هذه الفلسفات على تفسير العالم الذي نعيش فيه و توجيه الانسان إلى الطريقة الأمثل للتعامل مع هذا العالم.
من بين هذه الفلسفات نذكر البودية لمؤسسها بودا. تعالج هذه الفلسفة علاقة الفرد مع ذاته. و الفلسفة الكونفوشيوسية لمؤسسها كونفوشيوس. هذه الفلسفة تعالج علاقة الفرد بالدولة و المجتمع. و الفلسفة الطاوية لصاحبها الفيلسوف الصيني لاوتسو. و هي فلسفة تهتم بالانسان في علاقته مع الحياة، الطبيعة و الوجود.
هذه الأخيرة هي موضوع التدوينة الماثلة أمامك. و طبعا لا يسعنا التحدث عن الفلسفة دون أن نتعرف على صاحبها و مؤسسها الفيلسوف و الحكيم الصيني لاوتسو.
في هذه التدوينة ستتعرف على التالي:
- من هو الفيلسوف الصيني لاوتسو؟
- ما هي الفلسفة الطاوية؟
- اقتباسات و أقوال الحكيم الصيني لاوتسو.
من هو لاوتسو؟
لاوتسو [و يدعى أيضا: لاوتزو، لاوزي، أو لاوتزه] هو فيلسوف و حكيم صيني. صاحب كتاب [تاو تي تشينغ] الشهير و مؤسس الفلسفة الطاوية.
ازداد لا تسو حوالي 600 عام قبل الميلاد في الصين و بالضبط في ولاية [تشو]. و يقال أنه عاش في نفس الفترة التي عاش فيها الفيلسوف الصيني الذي لا يقل حكمتا كونفوشيوس.
عمل لاوتسو كأمين للمحفوظات في مدينة لويونج مما أعطاه فرصة للإطلاع على كل ما كتب في الشأن السياسي و الاجتماعي عن الامبراطورية الصينية.
لم يكن لاوتسو مهتما بالحضارة و الأنظمة المعقدة. بل كان يأمن بالبساطة، السكينة و التناغم مع الحياة و الطبيعة.
و هذا ما جعله يغادر لويونج على ظهر ثور إلى أقصى الحدود الغربية في مرحلة متأخرة من عمره. وصل الفيلسوف إلى أحد المعابر في أقصى الغرب القابع في مدينة [تيبيت].
عند بوابة المعبر كان هناك حارس. رأى الحارس لا تسو و أعجب بهيبته و وقاره. بعد أخد و رد علم الحارس أنه أمام شخص حكيم.
توسل الحارس للفيلسوف و طلب منه أن يستقر بالمدينة حتى يدون حكمته و فلسفته. و ذلك من أجل أن تبقى محفوظة و لا تضيع و تنسى.
و بالفعل، اعتكف لاوتسو لمدة ثلاثة أيام. و كتب أحد أكثر الكتب ترجمة في العالم حاليا و هو كتاب [تاو تي تشينغ - Tao Te Ching]. هذا الكتاب غير طريقة تفكير و عيش الملايين من الأسيويين و خاصتا الصينيين في ما بعد لأكثر من 2000 عاما. كما جعل الكتاب البعض يعتبر لاوتسو نبيا أو إلاها.
هذا التعظيم و التبجيل للفيلسوف لاوتسو أدى إلى تأسيس ديانة تدعى بالديانة الطاوية. و التي لازالت قائمة إلى حدود الساعة. و لا يجب الخلط بين الطاوية كديانة و الطاوية كفلسفة. فالأولى تختلف عن الثانية بالآساطير و الخرافات التي تتعارض و المنطق.
و الحقيقة هي أن لاوتسو لم يعتد بنفسه و لم يدعي أنه نبي أو إلاه. كما أنه لم يكن يسعى للتشهير بنفسه و بفلسفته و أن يجمع حوله أتباع. و أعتقد أن السبب وراء عدم اهتمامه بهذه الأمور إلى أن فلسفته في الحياة تنص على عدم الاهتمام بهكذا أمور.
حاليا يتم اعتبار لاوتسو فيلسوف حكيم، و البعض يعتبره قديسا أو نبيا مخلصا، و البعض الأخر يعتبره إلاها جليلا.
ما هي الفلسفة الطاوية؟
الطاوية [Daoism] عبارة عن فلسفة، ديانة، و طريقة في العيش نشأت في القرن السادس قبل الميلاد في الصين. أثرت الطاوية على ثقافة و معتقدات الصينيين و دول شرق آسيا مند نشأتها. الطاو أو تاو [Dao] تعني الطريق أو السبيل.
الطاوية تتضمن مجموعة من التعاليم و الأفكار الفلسفية الحكيمة تفسر طبيعة العالم الذي نعيش فيه و ترشد الفرد إلى الكيفية الصحيحة التي ينبغي أن يتفاعل بها الانسان مع هذا العالم.
كل أفكار، حكم و تعاليم الطاوية مصدرها الرئيسي هو كتاب [تاو تي تشينغ] الذي كتبه الحكيم الصينين لاوتسو.
من بين التعاليم الأساسية التي جاءت بها الفلسفة الطاوية هي فكرة الطاو أو التاو [Dao]. يعني التاو حرفيا الطريق أو السبيل. أما فلسفيا فيعني مصدر الوجود و القوة الرئيسية التي تتدفق في كل ما هو موجود. انه الطبيعة أو النظام المثالي للحياة. تدعوا الطاوية الانسان إلى أن يتناغم و يسير على منوال التاو؛ أي على منوال الطبيعة و نظامها.
أقوال الحكيم الصيني لاوتسو؟
في هذا الجزء من التدوينة سأشارك معكم بعض اقتباسات و أقوال الفيلسوف الصيني لاوتسو من كتابه تاو تي تشينغ. تجدر الإشارة إلى طريقة عرضه لأفكاره مجازية و شعرية نوعا ما. لذلك، فهم أفكاره تحتاج منك تركيزا و تمعن و كذا تكرار ما تقرأه أكثر من مرة حتى تستوعب قصده.
يقول الفيلسوف الصيني لاوتسو :
" يفشل الناس عادة حين يوشكون على النجاح،
فاعط النهاية من الاهتمام ما تعطيه للبداية. فبذلك تتجنب الاخفاق. "
" من يفعل يخسر الهدف. من يمسك يضيِّع. و الحكيم لا يفعل فلا يخس. و لا يمسك فلا يضيِّع. "
" اخضع ... تغلب. انحن ... تستقم. افرغ ... تمتلئ. تعر ... تكن جديدا. خد القليل ... تربح. خد الكثير ... تكن مشوشا. "
" الثقيل جذر الخفيف. الهادئ سيد المضطرب. من يكن خفيفا يفقد جذوره. من يكن مضطربا بفقد السيطرة على نفسه. "
" اتحسب نفسك قادر على تولي أمر العالم و تحسينه؟
أنا لا أرى ذلك. العالم مقدس و لا يسعك تحسينه. و لو حاولت تغييره لأفلت من يديك. و هكذا تتقدم الأشياء حينا و تتأخر حينا. يصعب التنفس حينا و يتيسر حينا. و ثمة حينا قوة و حينا ضعف. و المرء مرة في الأعالي و مرة في الحضيض. من هنا يتجنب الحكيم التطرف و التجاوز، و الرضا عن النفس. "
" معرفة الأخرين حكمة. معرفة النفس نور. التغلب على الأخر يقتضي القسر. التغلب على النفس يحتاج إلى القدرة. من يعرف أن لديه ما يكفي فهو غني. المثابر دليل شدة الإرادة. "
" قبل الآخذ يحب أن يكون العطاء."
" المشدود إلى الأشياء كثير الهموم. من يوفر يخسر الكثير. و لن يخيب ذو القناعة. "
" الخير بحق لا يدري أنه خير و من هنا فهو خير. المعتوه يحاول أن يكون خيراً و هو لذلك ليس خيرا. الخير بحق لا يفعل شيئا و لكنه لا يدع شيئا غير مفعول. المعتوه يفعل دائما و يبقى الكثير محتاجا إلى الفعل. "
" من غير أن تسافر يمكنك أن تعرف الدنيا كلها. من غير أن تطل من النافذة يمكنك أن ترى دروب السماء. و بقدر ما تذهب بعيدا تعرف قليلا. و هكذا، فالحكيم يعرف دون أن يسافر و يرى دون أن يحدق."
" الوطيد الأساسي لا يمكن اقتلاعه و ما تفهمه جيدا لا يمكن نسيانه. "
" مارس اللا فعل. اشتغل دون فعل. تذوق ما لا ذوق له. عظم الصغير و كثر القليل. كافئ المرارة بالرعاية. أبصر البساطة في المركب. انجز العظيم من الأشياء الصغيرة. "
" في العالم، الأمور الصعبة تتم و كأنها أمور يسيرة . في العالم، الأفعال العظيمة تأتي من الأفعال الصغيرة. الحكيم لا يجرب أي أمر عظيم و بهذه الطريقة يحقق العظمة. "
" الوعود المجانية تضعف الثقة. التهاون بالأمور يخلق المصاعب. و لأن الحكيم يواجه المصاعب دائما فهو لا يعانيها. "
" الحكيم لا ينخرط في منافسة. فلا أحد ينافسه. "
" معرفة الجهل قوة. جهل المعرفة سقم. "
" الحكيم يعرف نفسه و لكن لا يتظاهر. يحترم نفسه و لا يتعجرف. "
و ختاما لهذه التدوينة، أنصحك بأن لا تكتفي بما ذكرته. قم بالاطلاع على الفلسفة الطاوية للفيلسوف الصيني لاوتسو عن كثب من خلال كتابه [التاو تي تشينغ]. يمكنك تحميل الكتاب عبر هذا الرابط: [ تحميل كتاب التاو تي تشينغ ].
المصادر المعتمدة في انشاء هذه التدوينة:
[Tao Te Ching, Britannica, Moroccan Insanity]
مصدر الصورة:
Gettyimages
مواضيع ستعجبك أيضا:
نصائح الفيلسوف الصيني لاوتسه لعيش حياة سعيدة
فلسفة بروسلي في الحياة - اتخد طبيعة الماء
اترك تعليقك